بحث أكاديميون وإعلاميون وخبراء في المجال الرياضي، في ندوة وطنية نظمت، أمس الجمعة بطانطان، دور ومكانة الإعلام في رفع التحديات وكسب رهان إنجاح حدث تنظيم المملكة لنهائيات كأس العالم 2030.
وشدد المتدخلون خلال هذه الندوة، التي تمحورت حول موضوع “دور الإعلام الوطني في مواكبة رهان المملكة لإنجاح مونديال 2030 “، بحضور ثلة من الإعلاميين مغاربة وعرب (العراق، الأردن ، السودان) على ضرورة تأهيل الإعلام الرياضي الوطني عبر تعزيز برامج التكوين والتأهيل المهني حتى يضطلع بدوره كاملا في إنجاح هذا العرس الرياضي العالمي.
وفي هذا السياق، أكد رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، بدرالدين الإدريسي، في مداخلة حول موضوع “مونديال 2030.. تأسيس لإعلام رياضي جديد”، أن موضوع هذه الندوة يكتسي طابع الراهنية ويسائل الإعلام الوطني عن ممكناته في مواكبة رهان المملكة لإنجاح مونديال 2023، مضيفا أن الإعلام الرياضي على وجه الخصوص مدعو لمواكبة استعدادات المملكة لتنظيم هذا المحفل الرياضي العالمي بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال، والتعريف بخصوصياتها الثقافية والحضارية على كافة الأصعدة.
وأبرز الإدريسي، أن الإعلام يشكل أحد أقوى رافعات التحضير المثالي لهذا الحدث الرياضي الضخم، ولذلك يتعين عليه أن يكون في أتم الجاهزية على المستوى المهني واللوجستي ليس فقط في مواكبة هذا الحدث الكروي الكوني ولكن في المساهمة في إنجاح تنظيمه.
من جهته، تطرق مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، عبد اللطيف بن صفية، إلى استراتيجية المعهد الإعلامية لمواكبة هذا الحدث الرياضي العالمي، معتبرا أن هذا الحدث الكوني “ليس مجرد مباريات فقط وإنما هو نموذج مجتمعي يتطلب التأسيس لعقلية جديدة”، داعيا إلى ضرورة الاشتغال جميعا كل من موقعه من أجل تكوين جيل جديد من الإعلاميين لكسب رهان المونديال.
وأشار في هذا السياق، إلى أن المعهد أطلق ليس فقط ماستر متخصص يعنى بالرياضة من مستوى عال وإنما عمل على إرساء تغيير جذري على مستوى مناهج التكوين ومضامينه، مبرزا أن تكوين جيل جديد من الاعلاميين يتطلب الاعتماد على ثقافة رياضية وكفاءة تقنية عالية والتمكن من مهارات التكنولوجيا ومن اللغات الحية.
وبعد أن أكد أن الإعلام المغربي راكم تجربة كبيرة في قطاع الصحافة الرياضية، أبرز بن صفية أن من شروط النجاح لكسب رهان المونديال تنظيم البيت الصحفي الرياضي الداخلي، والاعتماد على عقلية التخطيط الإعلامي الجماعي والرصين، وتدبير صورة وأداء المغرب رفقة بلدين متطورين هما إسبانيا والبرتغال.
من جانبه، توقف وليد كبير، وهو إعلامي وناشط سياسي جزائري، عند أبعاد وآثار تنظيم المونديال بالمغرب على المحيط العربي والإقليمي والإفريقي، مشيرا إلى أن المونديال سيساهم في تعزيز مكانة المغرب على الساحة الدولية وتقوية علاقاته مع الدول العربية والإفريقية.
وسجل كبير في مداخلة مماثلة، أن المغرب سيشهد طفرة نوعية في جلب الاستثمارات وخاصة على مستوى البنيات التحتية، وفي تطوير القطاع السياحي، إلى جانب النهوض بالقطاع البيئي حيث أن المونديال سيتيح للمملكة فرصة الترويج لسياساتها البيئية المستدامة.
الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة محمد بودن، أكد في مداخلة أخرى أن احتضان المملكة لهذا العرس الرياضي العالمي سيضع المغرب ضمن نادي دول المستقبل “لأن مغرب الغد لن يكون مغرب اليوم على مستوى البنيات التحتية والنفوذ الجيوسياسي، مضيفا أن هذا المونديال الذي سيؤسس لنهضة شاملة بالمملكة، هو استثمار حقيقي في مستقبل الأمة المغربية ومستقبل الأجيال القادمة.
وفي هذا الصدد، دعا بودن إلى ضرورة استحضار بعض العناصر الأساسية لكسب رهان إنجاح المونديال من قبيل القيام بحملة إشعاعية في دول العالم للتعريف بالخصوصيات الثقافية والحضارية للمملكة والاستثمار في التكنولوجيا وتحويل المدن التي ستستضيف مباريات هذا العرس الرياضي إلى مدن ذكية.
كما توقف عند المزايا التي ستحققها المملكة نظير تنظيم هذا العرس الكروي العالمي من الناحية السياسية والدبلوماسية والثقافية، حيث سيصبح المغرب قوة ناعمة على الصعيد الإقليمي وأرضا لنشر قيم التسامح والتعايش مع الآخر.
وعلى صعيد متصل، استعرض منصف اليازغي، الباحث في السياسات الرياضية، مختلف ترشيحات المملكة لاحتضان نهائيات كأس العالم والتي بلغ عددها ست ترشيحات بدءا من 1994 مرورا بسنوات 1998 و2006 و2010 و2026 ثم الترشح لمونديال 2030 بعد سنوات عديدة من الحلم والانتظار والإصرار.
كما تطرق اليازغي في مداخلة مماثلة إلى آليات وطرق تمويل هذا المونديال المشترك والمكاسب التي سيحققها المغرب من احتضانه خاصة على المدى البعيد، مشيرا إلى أن عدة قطاعات اجتماعية ستستفيد من تنظيم هذا الحدث الكروي العالمي ومنها قطاع البناء (تشغيل، خلق مقاولات)، وقطاع البنوك (ارتفاع الرواج البنكي عبر القروض)، والسياحة والاتصالات، والبنية التحتية، فضلا عن مكاسب غير مباشرة تتمثل في إذكاء الحس الوطني لدى المغاربة وزيادة عشقهم بالرياضة وخاصة كرة القدم.
وجرى خلال هذا الندوة، التي عرفت على الخصوص حضور عامل إقليم طانطان بالنيابة، عمرو حمدة، ورئيس المجلس الإقليمي لطانطان، نورالدين لمزوكي، ومنتخبين محليين، وكذا عدد من الوجوه الرياضية والإعلامية البارزة، تكريم شخصيات إعلامية ورياضية وأكاديمية مرموقة.
وتندرج هذه الندوة، التي نظمتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية (فرع جهة كلميم) بشراكة مع الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، في إطار فعاليات الدورة الرابعة لجائزة وادنون الوطنية الكبرى للصحافة والإعلام.