ناقش ممثلو الهيئات السياسية والنقابية والمهنية بمجلس المستشارين، مشروع قانون المالية لسنة 2024، خلال اجتماع للجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية.
ونوه عدد من أعضاء اللجنة خلال الاجتماع الذي عقد أمس الجمعة بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، بالإصلاحات “الأكثر قوة وجرأة” في إعداد قوانين المالية، والمتسمة بالصدقية والحكامة.
واعتبر أعضاء من الأغلبية أنه بالرغم من المرحلة التي يمر منها العالم، فإن الإصلاحات الجبائية والجمركية التي تضمنها مشروع قانون المالية اتسمت بوضوح الرؤية، وتضمن الاستقرار الضريبي بشكل عام، مؤكدين أن الفرضيات التي بني عليها المشروع تنسجم مع ما هو معمول به لدى مختلف المؤسسات العلمية والاقتصادية الدولية، وفق منهجية تراعي خصوصيات الاقتصاد الوطني.
كما نوهوا بالإصلاحات المحددة وفق جدولة زمنية مضبوطة، والتي “تجسد التوفيق الأمثل بين طموحات المملكة وإمكانياتها الذاتية بشكل يسمح بتعزيز مناعة المنظومة الاجتماعية والاقتصادية الوطنية”، معربين عن ثقتهم في هذه الإصلاحات وآثارها المالية على الأسر المغربية.
كما أعربوا عن الأمل في أن يساهم المشروع في تحفيز الاستثمار الخاص وأن يحمل الشروط اللازمة لنهوض القطاع الخاص بالأدوار المنوطة به ومساهمته بفاعلية في المسار التنموي بالمملكة، داعين إلى دعم المقاولات ومواكبتها، لاسيما من خلال نظام جبائي تحفيزي يعزز صمود الفاعلين الاقتصاديين في وجه التقلبات الدولية.
من جهتها، اعتبرت فرق المعارضة أن مشروع قانون مالية 2024 “يحكمه هاجس الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية على حساب التوازنات الاجتماعية”.
وسجل أعضاء اللجنة من فرق المعارضة أيضا غياب تصور لإصلاح أنظمة التقاعد، ومنظومات الأجور والأسعار ونظام الصفقات العمومية، معتبرين أن مشروع القانون “لا يختلف عن سابقيه ما عدا بعض الاجتهادات على مستوى الأرقام والنسب”.
وفي معرض تفاعلها مع مداخلات أعضاء اللجنة، أكدت السيدة نادية فتاح أن مشروع القانون يأتي في سياق أزمات دولية متتالية ينبغي التعايش معها، مشيرة إلى أن المملكة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أبانت عن مناعة في وجه هذه التقلبات وتحافظ على وتيرة التقدم الاقتصادي والاجتماعي وإنجاز الأوراش الكبرى التي انخرطت فيها.
وأكدت الوزيرة أن الإجراءات التي تضمنها مشروع القانون جاءت لتعزز القدرة الشرائية للفئات الاجتماعية، بما فيها الطبقة الوسطى، مستحضرة إجراءات تخفيض الضريبة على القيمة المضافة على النقل الحضري وبعض المواد الأساسية، ودعم المكتب الوطني للماء والكهرباء بـ 9 ملايير درهم في سنتين، وكذا الدعم المباشر لاقتناء السكن الذي سيكون له وقع إيجابي على الطبقة الوسطى.
وأكد السيد لقجع من جانبه، صحة وصلابة الفرضيات التي تمت على أساسها صياغة قانون المالية، مبرزا أن إعداد مشروع القانون تخللته وقائع استثنائية أثرت على مضامينه وفرضت نفسها كأولويات، مثل زلزال الحوز الذي استدعى تخصيص 9 ملايير درهم لدعم المتضررين وإعادة إعمار المناطق المتضررة، وكذا معالجة إشكالية ندرة المياه التي خصصت لها زيادة في الاعتمادات المالية بـ 5 ملايير درهم.
وتطرق الوزير إلى الحوار الاجتماعي باعتباره إحدى هذه الأولويات، حيث تم رصد مبلغ 14 مليار درهم، مؤكدا أنه تم العمل على إكمال مقومات الجانب الاجتماعي تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، فضلا عن العمل على إكمال المشروع الاجتماعي والاقتصادي في أفق 2030.