يدخل غدا الإثنين حيز التنفيذ دفتر التحملات الجديد المتعلق بكراء السيارات بدون سائق، الذي يحدد شروطا جديدة بالنسبة إلى الاستثمار في هذا القطاع، إذ عمدت وزارة النقل واللوجستيك إلى مراسلة النقابات والهيئات الممثلة للمهنيين بشأن هذا الدفتر الجديد، واتخذت مجموعة من الإجراءات لتنزيله، وذلك بعد التوافق بشأن صيغته النهائية منذ فبراير الماضي.
وكان من المتوقع تفعيل دفتر التحملات الجديد في مارس الماضي إلا أن الوزارة الوصية قررت إرجاء ذلك إلى منتصف الشهر الجاري، حتى يتسنى لها تنفيذ مجموعة من الإجراءات، همت إعداد مساطر خاصة بالعمليات المتعلقة بنشاط كراء السيارات بدون سائق، وعملت على تحيين النظام المعلوماتي الخاص بهذه المساطر، وعقدت حصصا دراسية مع المصالح التابعة لها، من أجل تعريفها بالدفتر الجديد والإجراءات الخاصة به، وكذا المقتضيات الانتقالية التي جاء بها.
وطلبت الوزارة من النقابات والتمثيليات المهنية دعوة وكالات كراء السيارات إلى التوقيع على دفتر التحملات الجديد، والالتزام بما يحمله من مقتضيات، تهم شروط الولوج إلى القطاع أساسا، خصوصا ما يتعلق بالمقر الاجتماعي ورأس المال المطلوب، وعدد السيارات، والتكوين المفترض في المسير.
متغيرات تنظيمية
أصبح الاستثمار في قطاع كراء السيارات بدون سائق خاضعا لمتغيرات جديدة بموجب دفتر التحملات المتوافق بشأنه بين وزارة النقل واللوجستيك ومهنيي القطاع، إذ ستتوسع حظيرة وكالات كراء السيارات لتشمل جميع المركبات التي تتطلب سياقتها رخصا من صنف “أ” A و”أ1″ A، مع أو بدون مركبة جانبية، و”ب” B.
وأفاد فواد ملياني، رئيس النقابة الوطنية لأرباب وكالات كراء السيارات بالمغرب، بأن دفتر التحملات الجديد حمل مجموعة من المقتضيات التي كانت مطلبا من قبل المهنيين خلال الفترة الماضية، خصوصا ما يتعلق بكفاءة مسيري الوكالات، إذ يفترض فيهم إثبات سنوات الخبرة من خلال شهادة التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فيما كان مسيرون يحصلون من مهنيين آخرين على شهادات خبرة لمدة سنتين دون أن يسبق لهم ممارسة النشاط فعلا.
وأضاف ملياني، في تصريح لهسبريس، أن رأس المال المفروض على الشركات الخاصة بكراء السيارات بدون سائق جرى تحديده في 500 ألف درهم (50 مليون سنتيم)، ما يمثل ضمانة مالية مهمة عند الاستثمار في القطاع، موضحا أن إجراء آخر حمله دفتر التحملات الجديد سيقطع مع بعض الممارسات غير الصحية، المتعلقة بطريقة تمويل حظيرة السيارات، التي تم توسيعها من 5 مركبات إلى 7، إذ كان بعض الوكلاء يقدمون تسبيقات مالية صغيرة مقابل سيارات، ويودعون شيكات بمبالغ مهمة لدى موزعي السيارات، مقابل مدة استحقاق لا تتجاوز السنة، ما يتسبب في عسرهم عن الأداء وإعلان إفلاسهم بشكل سريع.
ونص دفتر التحملات الجديد بخصوص المسير والممثل القانوني لوكالة كراء السيارات بدون سائق على ألا يكون مدانا بموجب مقرر قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، يحرمه ممارسة نشاط تجاري أو صناعي، أو مدانا في قضايا الإرهاب والقتل العمد والاتجار بالبشر، وكذا خيانة الأمانة وغسل الأموال والاتجار بالمخدرات، إضافة إلى التهريب والهجرة غير المشروعة والتزوير والتزييف.
التطبيقات والطلب
أنعشت تطبيقات النقل أنشطة كراء السيارات بدون سائق، بعدما عاشت فترة طويلة من الركود بسبب تراجع الطلب، بعلاقة مع تهاوي القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع أسعار المحروقات.
وأصبحت تطبيقات مثل “إن درايف” و”يانغو” و”كريم” وغيرها ملاذا لعدد كبير من الشباب هروبا من شبح البطالة، رغم الوضعية القانونية الملتبسة لهذا النوع من الأنشطة، إذ يظل غير مرخص، وفق السلطات، فيما يتم تحرير عشرات المحاضر يوميا ضد الناقلين الجدد بتهمة “النقل السري”، المؤطرة بموجب القانون رقم 99-16 المعدل والمتمم للظهير رقم 260-63-1 الصادر بتاريخ 12 نونبر 1963 المتعلق بعمليات النقل بواسطة السيارات عبر الطرق.
وكشف أحمد عزوزي، صاحب شركة لكراء السيارات بالدار البيضاء، في تصريح لهسبريس، عن طلب متزايد على الكراء الشهري للسيارات الصغيرة التي تعمل بمحرك “غازوال”، خصوصا صغيرة الحجم، من قبل الزبائن الشباب، نافيا أن يكون له علم باستخدامها في نقل الأشخاص بواسطة التطبيقات، وزاد: “المهم بالنسبة إلي كمؤجر للسيارات بدون سائق هو تحصيل قيمة الكراء سلفا، والحرص على استعادة سيارتي في الوقت المحددة ودون أن تتعرض لأي أضرار”.
ويراهن الناقلون عبر التطبيقات الجديدة على مونديال 2030، الذي يرتقب أن يستضيفه المغرب رفقة إسبانيا والبرتغال، من أجل تقنين أنشطتهم من قبل السلطات، التي تتعامل مع هذا القطاع بشكل ملتبس، رغم تصريح الحكومة بدراسة وزارة النقل واللوجستيك لهذا النوع من الأنشطة حاليا، خصوصا أن الفاعلين فيه عبارة عن شركات أجنبية تشتغل في المملكة، وتوظف مغاربة، كما لا تؤدي ضرائب لفائدة الخزينة، التي تظل محرومة من مبالغ مهمة غير محصلة عن دخل هؤلاء الناقلين، الذين لا تربطهم مع الشركات المشغلة للتطبيقات أي عقود.
يشار إلى أن أعضاء لجنة القيادة بوزارة النقل واللوجستيك وممثلي قطاع كراء السيارات بدون سائق يعتزمون عقد لقاءات جديدة خلال الفترة المقبلة، وذلك من أجل مناقشة مجموعة من المشاكل المرتبطة باستخدام شيكات الضمان عند كراء السيارات، وكذا المسؤولية القانونية للوكالات عن الجنح والجرائم المرتكبة بواسطة السيارات المؤجرة، إذ سيجري تنظيم لقاء في هذا الشأن، بحضور ممثلين من رئاسة النيابة العامة ووزارة العدل.