تتقدم الحكومة المغربية بحزم وثبات من أجل تحرير قطاع المحروقات ، وهي تستند في ذلك على دعم فاعلين عقدوا عزمهم على إنجاح ملامح المرحلة الجديدة.
ولكسب رهان تحرير هذا القطاع ، الذي سيتم تفعيله في فاتح دجنبر، تتجه الجهود نحو ضمان سلامة الإمدادات ، واحترام المخزونات ، وتحديث قطاع الاستثمارات ، وإصدار قوانين تنظيمية جديدة ، وبطبيعة الحال إرضاء الزبون.
وقد تطلبت هذه النقلة ، التي استغرق التحضير لها زهاء سنة ، انخراط مهنيين في استثمارات تهم خاصة مجال أنظمة الإعلام ، وطرق عرض الأسعار والبنيات التحتية.
وأكد رئيس التجمع المهني لموزعي المشتقات النفطية بالمغرب عادل الزيادي أنه “منذ شهرين شرع المهنيون في التحضيرات المتعلقة بالاستثمارات من أجل تحديث الشبكة ، وعرض منتوجات وخدمات ذات جودة ” ، مشيرا إلى أن ” تغيير أنظمة الإعلام ، وإنشاء لوحات إلكترونية خاصة بعرض الأسعار وتحسين البنيات التحتية كلها إجراءات تدخل في صلب انشغالات شركات التوزيع المغربية “.
ومن شأن تحرير الأسعار أن يعيد سوق المحروقات إلى وضعها الطبيعي وأن يجعل من مؤهل التنافسية عنصرا هاما كما هو في سائر القطاعات ، إلا أن هذه الأسعار ستبقى دائما تحت مراقبة الدولة التي أصبح على عاتقها تزويد السوق بمنتوج جيد.
ودرءا لأي منافسة غير نزيهة سوف تعتمد الحكومة على قانون يخص المنافسة وتحرير الأسعار كإطار قانوني لصد مثل هذه الممارسات.
وأبرز وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة عبد القادر عمارة أن الوزارة ستسهر على احترام تزويد هذه السوق عبر نظام مقاييس يمكن من معرفة حالة المخزون مع الحرص على ضمان توفير منتوج جديد.
وأوضح عمارة أنه لضمان ” السلامة سوف تنعقد اللجنة الوزارية برئاسة وزارة الشؤون العامة والحكامة ، من أجل مراقبة الأسعار المعروضة في الأسواق ، كما سيتم رصد الأسعار الدولية.
وعن مدى انعكاس تحرير سوق المحروقات على المستهلك والاقتصاد الوطني ، أكد السيد عمارة أن مثل هذا الإجراء لا يمكن إلا أن يكون لصالح المستهلك الذي سيستفيد من تفعيل نشاط التنافسية ، دون أن يخفي ظنه كونها خطوة تتطلب قليلا من الوقت. كما أشار إلى أن من شأن هذا القرار أن يخفف على المالية العامة عبء الدعم العمومي حتى يتسنى تحويله إلى قطاعات أخرى اجتماعية وتربوية وصحية.
ومن جانبه ، يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس إدريس العباسي أن تأثير تحرير أسعار المحروقات على المستهلك المغربي والشركات سيكون حسب إيقاع ووتيرة الضبط . فبالنسبة للمستهلك ، يقول الخبير نفسه ، فإنه ” عدى ارتفاع ملموس في الأسعار، سيكون التأثير محدودا على اعتبار أن المستهلكين قد تأقلموا جيدا مع تقلبات الأسعار كما هو متداول حاليا” .
وأوضح العباسي أن ” الذي سيتغير هو وتيرة ضبط الأسعار. فعوض من الفاتح الى 16 من كل شهر سيحدث التغيير كثيرا من المرات حسب السوق والمنافسة والأسعار الدولية وفترات معينة من السنة والأسعار الخاصة بكل بنية على حدة” ، مشيرا إلى أنه يمكن للمستهلك أن يستفيد من انخفاض الأسعار الناجم عن التنافس بين الفاعلين في القطاع.
وأشار أستاذ الاقتصاد إلى أنه ” سيتعين على القطاع أيضا استعمال آليات ووسائل تدبير جديدة ليكون عند حسن ظن زبنائه الكبار وبالتالي التقليل من حدة الآثار السلبية” ، مضيفا أن الشركات ذات الاستهلاك الكبير يمكنها ان تتجه نحو اتخاذ إجراءات تجعل تقلبات الاسعار سلسلة عبر الاستثمار في المخزون .
وبرفع الدعم عن المواد النفطية السائلة يكون المغرب قد دخل مرحلة تحرير أسعار المحروقات . ويأتي التحرير الكامل لسوق المحروقات المغربي عقب التوقيع على اتفاقية المصادقة على أسعار المنتوجات النفطية بين الحكومة والموزعين والهادفة الى رفع الدعم عن هذه المواد .