قال وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، الاثنين بالرباط، إن مشروع قانون المالية 2016 ، الذي يعد محطة أساسية في المسار التنموي الذي يعرفه المغرب، يدعم القدرة الشرائية للمواطنين والقطاعات الاجتماعية.
وأوضح بوسعيد ، في رده على تدخلات ونقاشات النواب بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية 2016 ، أن هذا المشروع يدعم القدرة الشرائية للمواطنين عبر عدة تدابير منها بالخصوص، التحكم في التضخم في مستوى أقل من 2 في المائة، ومواصلة استهداف الفئات المعوزة في إطار صندوق دعم التماسك الاجتماعي، مضيفا أن مشروع قانون المالية يتضمن أيضا مجموعة من التدابير تهدف إلى الإدماج السيوسيو-اقتصادي للشباب.
وأكد بوسعيد، بخصوص علاقة النمو الاقتصادي بالتشغيل، أن النشاط الاقتصادي لعب دورا حافزا في خلق مناصب الشغل، معتبرا أن كل اقتصاديات العالم تتفاعل مع تقلبات الظرفية بإيجابياتها وسلبياتها، ومشيرا في هذا السياق إلى أن “السياسة الصائبة هي التي تتأقلم مع الظرفية بل تستبقها إن أمكن ذلك لتقليل آثارها السلبية”.
ودعا الوزير، بهذا الخصوص، إلى ضرورة مواصلة الإصلاحات البنيوية التي تمكن من التقليل من آثار تقلبات الظرفية على معدل النمو، مبرزا أن الأمطار هي من بين الظروف المساعدة على “تحسن اقتصادنا” كما تساعد حوالي 45 في المائة من المغاربة الذين يعيشون بالعالم القروي.
وأبرز وزير الاقتصاد والمالية، أن معدلات النمو التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة أصبحت أقل تأثيرا بتقلبات محصول زراعة الحبوب وذلك يرجع بالخصوص، إلى التغييرات الهيكلية التي مست بنية القيمة المضافة الفلاحية والتي كانت تحتل فيها زراعة الحبوب موقع الصدارة ، مشيرا إلى أن الحكومة تمضي “بثبات” نحو بناء اقتصاد قوي لتقوية مناعته في مواجهة التقلبات المناخية والمالية والاقتصادية من خلال نهج إصلاحات بنيوية ستغير وجه الاقتصاد الوطني في المستقبل.
ودعا إلى ضرورة التعامل “باستباقية” مع التقلبات الظرفية التي يعرفها الاقتصاد ، مشيرا إلى أن محتوى النمو الاقتصادي الوطني عرف تطورا من حيث توفير فرص الشغل ساهمت فيها عدة قطاعات أهمها الفلاحة والصناعة والخدمات والبناء والصناعة التقليدية .
وفي ما يتعلق بالانجازات المحققة على مستوى استعادة التوازنات الماكرو اقتصادية والنمو، أكد الوزير أن ما تحقق من نتائج على هذا المستوى لا يرجع إلى عوامل ظرفية بل هو نتيجة إصلاحات” ،بنيوية وجريئة” همت تقليص الدعم وتحويل هوامشه نحو دعم الاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية وكذا تقليص الفوارق اجتماعيا ومجاليا.
وأكد الوزير في هذا الصدد أن الاسترجاع التدريجي للتوازنات الماكرو اقتصادية لم يكن على حساب الجانب الاجتماعي أو الاستثمار بل تم الاشتغال بهذا الخصوص بطرقة”إيجابية”، معتبرا من جهة أخرى، أن إصلاح صندوق المقاصة هو إصلاح “شجاع وبنيوي ومهيكل”.
أما بخصوص النقاشات التي أثيرت من طرف النواب باللجنة بخصوص الاستثمار ومردوديته وتوزيعه الجهوي، فأكد السيد بوسعيد أن الحكومة تعمل على إرساء نجاعة أفضل للاستثمار العمومي وتنزيل الاستراتيجيات القطاعية والمشاريع الكبرى من خلال انتقاء أفضل المشاريع التي تستجيب لقواعد المردودية الاقتصادية ومتطلبات التأهيل الاجتماعي والترابي ، مشيرا إلى أن التوزيع الجهوي لاستثمارات المؤسسات والمقاولات العمومية يعرف “تحسنا” من سنة إلى أخرى.
وفي الجانب المتعلق بالمديونية، أبرز السيد بوسعيد أن اللجوء إلى الاستدانة هو “نتيجة حتمية” لعجز الميزانية وذلك من أجل الاستثمار وتحقيق التقدم ، مضيفا “نحن مع الاستدانة المنتجة الموفرة لفرص الشغل والموجهة للاستثمار وليس للاستهلاك”، فالاستدانة، يضيف الوزير، “ليست عيبا بل هي من مقومات الاقتصاد العصري”.
وأشار بهذا الخصوص إلى أن الوتيرة السنوية لارتفاع معدل مديونية الخزينة قد تقلصت إلى 1,9 نقطة من الناتج الداخلي الخام في نهاية 2014 مقابل معدل ارتفاع سنوي بلغ 3,8 نقطة ما بين 2009 و 2013 ، ومن المنتظر أن يستقر معدل المديونية خلال سنة 2015 في أقل من 64 في المائة من الناتج الداخلي الخام على أن يتجه في منحى تنازلي ابتداء من 2016.
وعن الإصلاحات الجبائية، أكد وزير الاقتصاد والمالية ، أن تنزيل مضامين وتوصيات المناظرة الوطنية للجبايات لا يمكن اختزاله في إدراج تعديلات تقنية تشمل مراجعات بعض الضرائب أو تغيير بعض القواعد المسطرية والإجراءات العلمية بل إن التنزيل السليم لهذه التوصيات ، يضيف الوزير، يستوجب دراسة وتحليل المعطيات المتعلقة بكل توصية وتقييم انعكاساتها المالية في إطار التشاور مع كافة الفاعلين، مبرزا أن “هذا ما يفسر اختيار التدرج في تنزيل هذه التوصيات” .