اعتمدت البرازيل خريطة عالمية تتضمن الخريطة الجغرافية الكاملة للمغرب مع أقاليمه الجنوبية، بمناسبة رئاستها السنوية لمجموعة العشرين، في تأكيد على موقفها من قضية الصحراء وإشارة إلى أن هذا الملف بات بحكم المنتهي مع تزايد الدول التي اعترفت بسيادة المملكة على كامل أراضيها فيما تتجه دول أخرى بخطى متسارعة نحو هذا الاعتراف.
وتبرز هذه الخريطة التي أنجزها المعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاء وتم تقديمها إلى الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في مجموعة العشرين وهو منتدى اقتصادي يضم 19 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، وتتولى البرازيل رئاسته الدورية.
كما تظهر الخريطة البلدان التي تضم تمثيليات دبلوماسية للبرازيل، ما يعكس الحضور البرازيلي الواسع في جميع أنحاء العالم وخاصة في إفريقيا، فيما يشير متابعون إلى أن نشر الخريطة الكاملة، يأتي في سياق توجه العديد من الدول ذات الثقل السياسي لهذا النهج إذ بات الاعلام الفرنسي والاسباني يعتمد هذه الخريطة انسجاما مع الموقف الرسمي للبلدين.
وحسب المعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاء فإن “إصدار خريطة العالم هذه يمثل فرصة للبرازيل للتموقع بطريقة فريدة على الساحة الدولية، بما يتماشى مع رئاستها لمجموعة العشرين”.
وتفاعل الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مع خطوة البرازيل وأعادوا نشر الخريطة:
وفي شهر يونيو/حزيران الماضي، وخلال الزيارة الرسمية، التي قام بها وزير الشؤون الخارجية البرازيلي إلى المغرب، أشادت جمهورية البرازيل الاتحادية بالجهود الجادة وذات المصداقية التي تبذلها المملكة للمضي قدما نحو تسوية النزاع حول الصحراء المغربية، في إطار مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة سنة 2007.
وجددت البرازيل، في بيان مشترك، دعمها لجهود الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي ومقبول طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وينسجم الموقف البرازيلي مع طبيعة العلاقات بين البلدين التي شهدت تطورا كبيرا ترجمه البلدان إلى تعاون واتفاقيات شملت مختلف المجالات (الفلاحة، البحث الزراعي، الحكومة الإلكترونية، الطاقة الشمسية، الهيدروجين الأخضر، إلخ).
وتخطط الرباط وبرازيليا لإرساء حوار استراتيجي بهدف ترسيخ الشراكة المتينة وطويلة الأمد بين البلدان، على أن يتم تحديد صيغها لاحقا، فيما تم التأكيد من جهة ثانية على ضرورة تقوية العلاقات التجارية بين الجانبين عبر الإشارة إلى إمكانية إحداث منتدى للأعمال خلال الأشهر المقبلة يعزز التكامل بين القطاعات الإنتاجية بالبلدين.
وأكدت ورقة بحثية نشرها “المعهد المغربي لتحليل السياسات” أن “جودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والبرازيل تنعكس على التعاون الاقتصادي الذي تميَّز بمساره التصاعدي المثير على مدى السنوات الماضية”.
وشددت الورقة على أن “ما يميز لقاءات الفاعلين المغاربة والبرازيليين هو أنها ليست لقاءات للتعارف والبداية من الصفر، بل هي علاقة مبنية على تراكمات تاريخية، خصوصا ثقافية تجعل كل التقاربات بين البلدين سلسة”، مضيفة أن وضع “العلاقات الجيدة التي تبنّاها لولا داسيلفا تجاه المغرب في إطار توجه بلاده الواضح نحو ترسيخ وتقوية التعاون جنوب جنوب”.
كما ذكّرت الورقة بـ”تعهُّد” الرئيس البرازيلي السابق (الذي شهدت فترة حكمه انتعاشة ملحوظة للتجارة البينية) بـ”العمل المشترك مع المغرب أمام المنتديات متعددة الأطراف من أجل أن تكون أكثر تمثيلية للجغرافية السياسية والاقتصادية العالمية الجديدة”.
ويعتبر البرازيل البلد الأكثر حضورا في فصول التاريخ المشترك بين المغرب ودول أمريكا اللاتينية، والبرازيل كان أول بلد أميركي لاتيني تربطه علاقات دبلوماسية مع المغرب.
وأشار الباحث في الشأن اللاتيني المختار نيابي إلى وثائق لوزارة الخارجية البرازيلية تثبت أن “العلاقات بين المغرب والبرازيل بدأت سنة 1861″، معتبرا ذلك “اكتشافا واجتهادا شخصيا لسفير المملكة المغربية في البرازيل، العربي المساري، الذي وجد هذه الوثائق في وزارة الشؤون الخارجية البرازيلية ووضعها رهن إشارة مديرية أرشيف المملكة”، وتابع “هذا الاكتشاف زاد 45 سنة للعلاقات بين المغرب والبرازيل، وفنّد الاعتقاد السائد بأن العلاقات بدأت سنة 1906”.
وتطرق إلى التبادل الثقافي الهوياتي المشترك بين البلدين قائلا “عندما تُمعن البرازيل النظر في شراكاتها الخارجية تجد المغرب بوابة تمكنها من الولوج لإفريقيا وأوروبا والعالم العربي؛ وعند إمعان النظر في الهوية البرازيلية نجد أثرا لليهود المغاربة، وأثراً للعرب، وأثرا لإفريقيا”.
وخلص نيابي إلى أن عوامل ثقافية تجعل “العلاقات المتقدمة بين المغرب والبرازيل لا تقتصر على براغماتية سياسية واقتصادية بحتة، بل لها أواصر وتكاملات متعلقة بطبيعة البلدين المتنوعة واختياراتهما السابقة التي ربطت جسورا تعبر الأطلسي وتتحدى حواجز اللغة” مؤكدا أن “قواعد هذه العلاقات وُضعت بشكل مشترك على مدى عقود؛ فكانت العلاقات الجيدة هي القاعدة التي تسنُد التعاون الاقتصادي”.